25 ميلا و مليون ونصف

مكتبة لندن العامة 25 ميلا من الأرفف ومليون ونصف كتاب

أكبر مكتبات لندن العامة وأهمها في الوقت ذاته، هي المكتبة البريطانية التي تعد جزءا من المتحف البريطاني، وتقع في مبناه ولكنها تمتد بعد ذلك في مجموعة اخرى من المباني القريبة والبعيدة، ومنها مبنى حديث ضخم قريب من المكتبة الرئيسة للكتب والمخطوطات الشرقية والعربية، أما المباني الاخرى فتتناثر في انحاء عدة من العاصمة.

انشئت المكتبة البريطانية منذ قرون ولكنها استقرت في مبنى المتحف البريطاني بعد انشائه في بداية القرن الماضي، اما قاعة المطالعة الضخمة فلم تؤسس الا في العام 1857، وقد تولى تأسيسها رجل ايطالي الاصل لجأ الى بريطانيا في وقت سابق بسبب افكاره الثورية ويدعى انطونيو بانتيرزي، الذي كرمته الدولة بعد ذلك ومنحته لقب «سير» مقابل خدماته. وتتميز هذه القاعة بانها اكبر قاعة من نوعها في بريطانيا فضلا عن انها من أجمل القاعات تصميما وزخرفة. وهي تتخذ شكلا مستديرا تعلوه قبة ضخمة يبلغ قطرها 40 قدما، وتتوسطه دائرة تضم فهارس الكتب، ويحيط بهذه الدائرة ما يساوي 25 ميلا من الأرفف التي تضم مليونا وثلاثمئة ألف كتاب، هذا طبعا عدا المجموعات الاخرى من الكتب والمطبوعات التي تحتويها قاعات المكتبة الاخرى. ‏

‏ والمفروض من الناحية النظرية على الاقل ان تضم المكتبة كل كتاب أو مستند طبع في بريطانيا، ولكن مع ازدياد طبع الكتب في هذا العصر، فإن وصول الكتاب الجديد الى المكتبة يستغرق احيانا نحو شهرين حتى يصبح في متناول القارىء، ومع ان المكتبة كانت تقتصر فاشبه ي بداية حياتها على نوعية معينة من القراء، تختارهم بعناية، وغالبا ما يكونون من المثقفين والادباء، فقد كان من أهم انجازات السير انطونيو بانتيرزي انه فتح ابواب المكتبة لكل باحث عن غذاء عقله أو متعته الذهنية. ‏

واصبح الحصول على إذن بدخول المكتبة عملية سهلة لا تستغرق وقتا طويلا ولا تكلف شيئا بل ان هواة القراءة يستطيعون الحصول على هذا الاذن لمدة زمنية طويلة تتجدد كل خمسة اعوام باستثناء الطلاب الذين تشترط عليهم المكتبة ان تزكيهم معاهدهم أو مدارسهم. ‏

ويلاحظ المتردد على المكتبة البريطانية ان هناك نوعا من القراء المدمنين أو المزمنين الذين يترددون عليها كل يوم طوال سنوات فيما عدا الاحد، ويلاحظ ايضا ان بعضهم يقضي في قاعة المطالعة وقتا اطول مما يقضيه في بيته، حتى اصبحت قاعة المطالعة بالنسبة لهؤلاء بالمكتب أو المقر الدائم. فلهم مقاعدهم التي يحجزونها ويحافظون على شغلها ولهم ايضا عاداتهم الخاصة في تقليب صفحات الكتب ووضع الكتاب أمام العين. ‏